ritأخباررأي الكتاب

القرآن والسنة أكرما المرأة / عبدالرحمن الطالب بوبكر الولاتي 

تدوينات ريم – رأي: المرأة كانت في الجاهلية تُملك ولا تَملِك، وتُورث ولا ترث، وتدفن حية مصداقًا لقول الله تعالى {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ} فكانت حقوقها ضائعة كرامتها مهدرة وإنسانيتها مفقودة، وأنه لما أشرق نور الإسلام وجاء سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم برسالة الحق والعدل، فأعطى الإسلام للمرأة حقوقها كاملة غير منقوصة، فجعل لها حقًا في الميراث، وحقًا في اختيار شريك حياتها وحقها في إبداء الرأي والمشاركة السياسية والخروج إلى العمل في الوظائف العامة شريطة أن تخرج محتشمة غير متبرجة بزينة.

الحمد لله علي الإسلام، نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً﴾ [النساء:1]
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ خَيْرَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ وَخَيْرَ الْهُدَى هُدَى مُحَمَّدٍ وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ.

أهتم الإسلام بالمرأة سواء كانت أما أو أختا أو بنتا أو زوجة وجعل لها من الحقوق ما يكفل سعادتها في الدارين ويصونها من الابتذال في شبابها ومن التضييع في كبرها.أما إكرامها بنتًا فقد جاء في ذلك أحاديث كثيرة منها قوله عليه السلام (ايما رجل كانت عنده وليدتان فعلمهما وأحسن تعليمهما وأدبهما فأحسن تأديبهما وزوجهما كانتا له سترًا وحجابًا من النار) وأما إكرامها بصفتها زوجة فإن هناك الكثير من الآيات والأحاديث منها قوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أن خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إليها وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّة وَرَحْمَة إن فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} (21) سورة الروم.

وقوله عليه السلام (خير متاع الدنيا الزوجة الصالحة إن نظر إليها سرته وإن أمرها أطاعته وإن غاب عنها حفظته) وقال عليه السلام (ما كسب المرء بعد إسلامه خير له من امرأة صالحه تسره إذا نظر وتطيعه إذا أمر ولا تخالفه في نفسها وماله فيما يكره)، وقال عليه السلام (تزوجوا الولود الودود فإني مبأه بكم الأمم يوم القيامة) والودود هي التي لا يسمع منها لومًا أو عتابًا وتظهر أمامه في أبها حلة وأزكى رائحة وتلبي رغبته المشروعة بحيث تحقق قوله تعالى: {هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ} (187) سورة البقرة، وأما إكرامها بصفتها أمًا فقد جاء في آيات وأحاديث كثيرة قال تعالى: {وَوَصَّيْنَا الْإنسان بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} (15) سورة الأحقاف

وقال تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أولاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أراد أن يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} (233) سورة البقرة، وجاء رجل إلى النبي عليه السلام فقال: من أحق الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، ثم أمك ثم أمك ثم أبيك) وجاء رجل إلى النبي عليه السلام فقال أريد الجهاد في سبيل الله فقال له النبي عليه السلام أمك حيه قال نعم قال الزم رجلها فثم الجنة.

الحديث عن المنزلة الرفيعة التي أنزلها الإسلام للمرأة والمساواة بينها وبين الرجل في الخصائص الإنسانية، كما بين لنا القرآن الكريم في قول الله تعالى:{ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إن الله بكل شيء عليم}…

حيث إن الإسلام كرم المرأة وصان عفافها وحفظ لها حريتها وكرامتها بإشباع غريزتها عن طريق الزواج فمتى ما أرادت المرأة الزواج لم تمنع ويجب على الزوج أن يعاشرها كما تعاشر النساء لعموم قوله تعالى ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [النساء: 19]    ،

ولو تبين أن الرجل ليس لديه القدرة على الجماع كان هذا عيبا يحق للزوجة بسببه فسخ النكاح. ولو حلف الزوج على ترك جماعها أعطى مدة أربعة أشهر ليزول ما في النفس فإن أصر على ترك جماعها فلا يقر على ترك زوجته معلقة فيطالب بالجماع أو الطلاق إذا طلبت ذلك ﴿ لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 226، 227]. وأحاط حقوقها بسياج متين من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وكفل لها كثيرًا من الحقوق التي يؤكدها القرآن الكريم والسنة النبوية، نؤكد أن الإسلام اهتم بالمرأة، ورفع شأنها، وأعلى قدرها، وأعطاها من الحقوق ما جعلها تعتز بالإسلام وتفاخر به لأنه الدين الذي أخرجها من ذل العبودية، ومن معاملتها في الجاهلية بصورة لا تليق بآدميتها.

كما جعلها متساوية مع الرجل في الحقوق والواجبات أمام الله عز وجل لقوله تعالى{فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض فالذين هاجروا وأخرجوا من ديارهم وأوذوا في سبيلي وقاتلوا وقتلوا لأكفرن عنهم سيئاتهم ولأدخلنهم جنات تجري من تحتها الأنهار ثوابًا من عند الله والله عنده حسن الثواب}. حقوق المرأة هنا استعرضها المؤلف بالتفصيل فذكر منها حق المرأة في التربية، مؤكدا أن الإسلام قد عني بالمرأة، وجعل لها حق التربية على والدها ووالدتها تربية إسلامية تسمو بمكانة المرأة وتعلي قدرها وترفع شأنها وتجعلها رائدة في المجتمع الإسلاميحرية كسب المال الحلال ومالها من مرتبات أو تجارة خاص بها الأصل حرمت الأخذ منه ويستثنى من ذلك الوالدان على الصحيح وفق شروط بما يكون لها من إسهامات في بناء الأسرة المسلمة التي تعد الخلية واللبنة الأولى في بناء المجتمع المسلم.

نؤكد أن حق تربية المرأة وإحسان أدبها من أوجب الواجبات لقول النبي صلى الله عليه سلم: «من كان له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات فاتقى الله وأقام عليهن كان معي في الجنة هكذا أشار بأصابعه الأربع»

أيضاً حق المرأة في اختيار زوجها، فقد جعل الإسلام للمرأة الحق في اختيار زوجها، فلا يجوز لولي أمرها أن يزوجها بدون إذنها، كما أنه لا يجوز للأب أن يكره ابنته العاقلة البالغة على الزواج لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح بكر حتى تستأذن».

ومن بين الحقوق التي أعطاها الإسلام لمرأة هي حضانة أولادها عند الطلاق أو وفاة الزوج، وكذلك حق المرأة في الميراث، فعندما جاء الإسلام أبطل عادات الجاهلية حيث كانت المرأة لا ترث فأعطاها الإسلام نصف ما للرجل، وذلك لأن الرجل هو المكلف بالإنفاق على المرأة سواء كانت بنتًا أم زوجة، وهو الذي يدفع الصداق للمرأة، ويعد لها عش الزوجية، وهي غير مكلفة بشيء من ذلك غنية كانت أم فقيرة، فشريعة الإسلام راعت هنا ما يتحمله الرجل من أعباء مادية وإنفاقه على الزوجة والأولاد، ولا تتحمل الزوجة شيئًا مما يتحمله الزوج من أعباء المعيشة فكان العدل أن تأخذ المرأة النصف لأن الرجل هو الذي يتحمل التبعات المالية، وهي غير مطالبة بشيء.

حق المرأة العمل والتعليم رغب في تعليمها كالرجل قال عليه السلام (إيما رجل كان عنده وليده فعلمها فأحسن تعليمها….) وقال أيضًا (طلب العلم فريضة على كل مسلم) وقد اشتهر هذا الحديث على ألسنة الناس بزيارة ومسلمة وهذه الزيادة لم تصح رواية ولكن معناها صحيح فقد اتفق العلماء على أن كل ما يطلب من الرجل تعلمه يطلب من المرأة مع الالتزام بقواعد وضوابط عمل المرأة التي وضعتها شريعة الإسلام حفاظًا على كرامة المرأة المسلمة.

حقوق كل من الزوجين على الآخر، وفيما يتعلق بالحقوق الواجبة على الزوج أولها المهر وهذا أول واجب بقول الله تعالى{وآتوا النساء صدقاتهن نحلة} وهو واجب على الرجل وأحد الحقوق التي تملكها الزوجة على زوجها تكريمًا للمرأة في مقابل الألفة والمحبة بين الزوجين وليس كما يدعي البعض أن المهر في مقابل الاستمتاع بالزوجة.

حيث ان كلا منهما يستمتع بالآخر، أيضاً من أهم الحقوق التي أعطاها الإسلام لمرأة حق الكسوة والنفقة للزوجة، وهذا الحق ثابت بجميع الأدلة من الكتاب والسنة وإجماع علماء الأمة الإسلامية حيث يقول الله تعالى {وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف}، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت».

حقوق الزوج على زوجته نحصرها في خمسة بنود أساسية، الأول طاعة الزوجة لزوجها في غير معصية لله عز وجل.
الثاني ألا تخرج من البيت إلا بإذنه، حيث إن الشرع ألزمه بالإنفاق عليها وتهيئة الحياة الكريمة لها وليس ذلك من قبيل تحكم الرجل في المرأة أو سلب حريتها، ولكن رعاية وصونًا منه لها.
الحق الثالث ويتمثل في التوجيه والإصلاح.
فإذا ما عصت الزوجة زوجها في معروف وخرجت عن طاعته أو منعته حقًا من حقوقه الخاصة مثل المعاشرة أو خرجت بدون إذنه أو تركت حقًا من حقوق الله سبحانه وتعالى كتركها للصلاة أو صوم رمضان، فالشرع الإسلامي أعطى الرجل الحق في تأديبها بوسيلة من الوسائل التي وضحها القرآن الكريم في قول الله تعالى {واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهم سبيلا}.
عن جملة من الحقوق المشتركة بين الزوجين والتي أقرتها الشريعة الإسلامية بل أكدت عليها أولها حسن المعاملة، وهذا من الحقوق المشتركة بين الزوجة فواجب الزوج معاملة زوجته معاملة حسنة، وكذلك الزوجة يجب عليها هذا لزوجها، ثانيًا: ثبوت نسب الأولاد إليهما.
ثالثًا: التوارث، فمن حق كل من الزوجين أن يرث الآخر إذا ما مات قبله فالزوجية أحد الأسباب التي تعطي حق الإرث.
رابعًا: الاستمتاع والمعاشرة الزوجية بالمعروف.
وعن حقوق الأطفال في الإسلام، حيث يؤكد أن هذه الحقوق تبدأ منذ لحظة اختيار الزوج لزوجته أو العكس، فالإسلام رغب كل من الزوجين في اختيار الزوج أو الزوجة ذات الدين لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «تنكح المرأة لأربع لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك»، أوجبت شريعة الإسلام على الرجل العناية بالمرأة الحامل والمرضع حفاظًا على حياة الجنين وسلامته.

الخلاصة: إن الإسلام بعد أن أعلن موقفه الصريح من إنسانية المرأة وأهليتها وكرامتها نظر لطبيعتها وما تصلح له من أعمال الحياة فأبعدها عن كل ما يناقض تلك الطبيعة أو يحول دون أداء رسالتها كاملة في المجتمع ولهذا خصها على الرجل ببعض الأحكام بزيادة أو نقصان كما أسقط عنها لذات الغرض بعض الواجبات الدينية والاجتماعية كصلاة الجمعة ووجوب لباس الإزار والرداء عند الإحرام بالعمرة أو الحج والجهاد والصلاة في حال الدورة والنفاس وأذن لها بالفطر في رمضان إذا كانت حاملاً أو مرضعًا وغير ذلك وليس في ذلك ما يتنافى مع مبدأ مساواتها بالرجل في الإنسانية والأهلية والكرامة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى