ديمقراطية العسكر وعمائم تواصل !
تدوينات ريم ـ رأي الكتاب ـ عندما أرتدت المعارضة عباءة الفشل ، على مدى أكثر من ربع قرن من الزمن، تضاعف مرضها وضاعت الحقيقة .. لم يعد ذلكالتغيير المنشود ينفع مع هذا الاستفحال الخطير في تشويه الحقيقة وعدم قراءة الأحداث ! إنهم يحتاجون الى من يتقن فن التخطيط كييحرق ما تشوّه، ويساهم في تنشئة عقول جديدة وسليمة!
كانت تظن أن ولد عبد العزيز سيسمح بانتخاب رئيس ضعيف بلا صلاحيات يبقى مرتهنا بيده…. وبعدما تبين العكس عَوَّلَت ألماوحزنا ..وكانت كلما حاولت التهجم على النظام .. جعلت من العوامل المحيطة بالمشاكل وعاء زجاجيا يتشكل مابداخله تشكلا حاداوليس حاسما ، فأعتمدت بصورة مطلقة على القشرة الخارجية لظروف تلك العوامل كي تؤدي بطريقة حتمية الى هذا اللون من الشذوذفى التخطيط السياسي ..ولذا كل مسارها يحوى معنى واحدا ومضمونا سطحيا ينزوي داخل ركن ضئيل من البناء السياسي الفاشل والمركب الفضفاض الذي آثرته بتفاصيل مرهفة لا تتصل بجوهر المشاكل من الداخل ! .. وكانت النتيجة الحتمية هي اختلاط الأوراق !
ويبقى السؤال عالقا : من يستطيع أن يعيد هذه المعارضة الى قدرتها على التمييز بين الخطأ والصواب؟
من يستطيع أن يقنعها بأن اللحظة الميكانيكية الدائرية في تفاعلاتها السياسية ليست مجرد نقطة، بل هي وصمة عار؟
وعلى الجانب الآخر الذي انسجل فيه الماء والزيت وكأنهما صنعا محلولا متجانسا .. برز سؤال جاد …. ماذا يريد ولد عبد العزيز ؟
بدأ ولد عبد العزيز وهو فى مركز قوة تجربته حينما وصل الى قمة السلطة بوضع الدعائم والشعارات بما أسماه آنذاك ..الديمقراطية…. الفقراء .. !
وقد جذب ذلك الشعار وفقا لنظرية الاحتواء ، عناصر شعبية كبيرة لها وزنها في الثقل الاجتماعي وتواقة الى التغيير واحترام كرامة الفرد وسيادة القانون و عدالة توزيع الحقوق…. أصبح هذا الرئيس بعد مرور السنوات فى وضع النقيض وفى مركز بالغ الضعف حيثراح يصفي ديكور تجربته يوما بعد يوم ، فالديمقراطية يعاد فيها النظر طالما ان المعارضة تمارس حقها القانوني و طالما لا تعفيه منالمسؤولية !
والحقيقة أن سنوات ولد عبد العزيز تساوي فيها الفساد مع الإصلاح ولعله من المثير حقا أنه بعد مرور فترة حكمه واشرافها على النهاية.. نجد نفس الأسئلة المطروحة على الطاولة .. هي نفسها تلك التى طُرحت يوم وصوله للسلطة ،لأن جوابا واحدا من داخل المنظومةالعسكرية لم يُعط بعد .. غير أن هذا الانسحاب من السلطة طرح بدوره اسئلة جديدة .. فلم يعد الماضي ولا المستقبل بقادرين علىانتظار الجواب من حاضر الأحداث المتتالية .. فإذا كان مثلا ولد الغزوانى مرشحا.. ففي حال وصوله للحكم، هل سيحصل على الحريةفي تنفيذ السياسة التي يختارها ؟
لقد كان ترشيحه لخلافته أمرا متداولا لفترة طويلة ، حتى قبل تقاعده وتعيينه وزيرا للدفاع و من المعروف عنه أنه فى ظل ولد عبدالعزيز، لم يكن ميالا لمعارضته او حتى لإبداء الرأي الا حين يطلب منه فيصوغه وفق مايتصور أنه سيكون رأي الرئيس ، ولكن المؤكدأنه عارضه فى مناسبات قليلة .. ولم يكن ذلك الاعتراض يصب فى مصلحة الديمقراطية لكنه الاقتراع على أسلوب الحكم .. فالرجلانينظران من بعيد الى صف الديمقراطية بينما يجلسون مع غالبيتهم العسكرية فى صف الدكتاتورية!
وهو رجل هادئ و غامض جدا، يتمتع على ما يبدو بـ” بالكاريزما ” المثالية للروح القيادة و لخلافة محمد ولد عبد العزيز .. ويحظىبشعبية كبيرة في البلاد خصوصا فى الشرق وليست له أي عداوات، وذاك أمر نادر على واجهة المترشحين ..كما أن وصوله إلىالسلطة سيساهم فى تفعيل بعض القضايا العالقة ومنها عودة الحوار بين الأغلبية الرئاسية والمعارضة، الذي وصل ذات يوم إلى طريقمسدود !
كما يحسب له ولاؤه التام للرئيس.. ففي عام 2012 عندما كان ولد عبد العزيز يرقد في غيبوبة تولى هو بنفسه الحكم مؤقتا خلفالكواليس وكان بامكانه الاستيلاء على السلطة ببساطة ، لكنه لم يفكر فى ذلك وفضل انتظار صحة الرئيس !
في المقابل يخطىء الكثيرون ممن يصورون أو يتصورون شخصية الرئيس عزيز على انهامتهورة .. فهو على النقيض تماما ، فهويحسب كل شيء من العناصر التى تظهر أمامه ويضع عليها مختلف الاحتمالات ويختار لحظة السلب عند الخصوم فيستقر على الكفةالأقوى .. ولأنه يعرف القوم جيدا فهو يدرك أصول اللعبة .. يتفق مع عدة أطراف متعارضة فى آن واحد ثم يختار الطرف الحاسم بعدذلك.. ولذلك كان التناقض أساسا بين الشعار المعلن من أعلى والواقع المتفجر من أسفل .. لقد كانت ملامحه الشخصية التى تطبع الذاتالفردية بفكر وسلوك محددين ، من بين العناصر التى وفرت له الحظ فى تطبيق سياساته من موقع السلطة العليا !
وربما يكون في زمن أرقي من هذا، وفي عصر أكثر تقدما وعقلانية ، سيتوقف باحثون ومفكرون أحرار أمام ظاهرة الولع باللعب فيالمياه العكرة ، لدى حكام عساكر حكموا موريتانيا في أيام حالكة العبث، اسمهما عزيز وغزواني !
منذ أن اعتليا كرسي الحكم، محمولان على مشروع عسكري خبيث معادٍ للحرية وللتغيير ، و هما يلهيان بالمياه، فيدشّنان عصرههابحفر خبيثة ..ابتلعت مدخرات المواطنين ، بعد أن وعدوهم بعوائد تنقلهم إلى عالم الرفاهية والازدهار إذا وضعوا أموالهم في “بنكحفرتهما”.
تلك الحفرة التي قالوا إنها ستجعل الأموال تجري بحارا في خزينة موريتانيا ، ويتم عفوهم من سؤال الجادين إلحافا وتسولًا ورهنالمستقبل أجيال لم تولد بعد.. والنتيجة الحتمية أن الحفرة ارتفعت بأرقام مفزعة، حتى لامست سقف الجنون، وذروة الكارثة .. وأمتلأتظلما وضريبة ووهما .. و هما لايزالان يعيشان بقلب نابض ونفس طويلة و المواطنون ينظرون الى هذا المشهد الكارثي وكأنرصاصة تخترق أجسامهم !
كل ماهنالك أن محمد ولد عبد العزيز قاد مرحلة الثورة نفسها حتى يوم إجهاضها فى مسيرة نبذ الكراهية !
وأن محمد ولد الغزوانى الذى رافقه طيلة المرحلة قاد مرحلة سرية .. الثورة المضادة ….
كلاهما من رجال الانقلابات والتغيير البناء..
ولكنهما مأساة طبقة كاملة
والقصة لم تنته بعد !
يتواصل ..
القاظى مولاي أحمد