ritأخباررأي الكتاب

العلاقة بين صاحب الفكر وصاحب القوة: الأستاذ / المصطفى ولد أكًليب

 

في هذه الفترة أقرأ كثيرا للمفكر السوداني الكبير الدكتور حسن الترابي وأستمع إلى مقابلاته رحمة الله عليه
لعلني أفهم العلاقة بين صاحب الفكر وصاحب القوة بين المفكر والعسكري .
يرى الترابي أن بعض الحركات الإسلامية تتخذ من الديمقراطية سلما فإذا وصلت إلى السلطة ألغت ذلك السلم لكي لا يصعد عليه غيرها مرة أخرى .
مع أن دولة الإسلام التي نشأت في المدينة كانت دولة بسط الحريات بسطا شاملا .
فقد سمحت تلك الدولة للمخالفين في الدين بالتعبير عن آرائهم ( وقالت اليهود يد الله مغلولة ) ولم ترد عليهم إلا بالكلام ( غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء ) وسمحت للمنافين بالتعبير عن آرائهم حتى وإن اشتملت على تهديد (يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ) ويتم الرد عليهم بالكلام كذلك ( ولله العزة ولرسوله وللمومنين ولكن المنافقين لا يعلمون )
وكان لهذه الدولة دسور يسمى صحيفة المدينة ولم تكن مجرد أوراق كتبت لكي لا تطبق مثل دساتيرنا العربية بل كانت عقدا موثقا بالعهود والأيمان وهو دستور لا يحدد المواطنة على أساس الدين بل على أساس الولاء للدولة القائمة وللمصلحة العامة .
ولم تستخدم الدولة في المدينة العنف ضد مواطنيها من غير المسلمين إلا عندما نقضوا العهد و تحالفوا مع أعداء الدولة من مشركي قريش لا لإسكاتهم عن التعبير عن آرائهم .
وقد أوضح الدكتور الترابي أن المجتمع الإسلامي قد عرف تعدد المرشحين للسلطة السياسية مثل الإختيار بين الإمام علي وذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنهما وقد عبر كل مواطن عن رأيه صراحة ودون إكراه حتى المرأة في خدرها وكانت النتيجة اختيار عثمان
وأن أيمة المسلمين كانوا يختلفون في مسائل دقيقة جدا ومع ذلك يظل بعضهم يحترم بعضا ويوقره فقد اختلفوا في فهم القرآن وتفسيره وفي الفقه ومجال العقائد….
ولم تكن الدولة تتدخل للمناطق أو الجهات أو القبائل في تسيير شؤونها مالم تخالف قانون الدولة وهذا يعني أن النظام الإسلامي في مجال السياسة في نظر الترابي أقرب إلى النظام اللامركزي .
هكذا كان المفكر ينظر إلى الأمور ولكن صاحب القوة الذي لم يكن يتوقع الوصول إلى كرسي الرئاسة كان ينظر إليها بطريقة مغايرة ولذلك رحل بالأمس عن السلطة بطريقة لم يكن يتوقعها كذلك بعد أن تحرك الناس مطالبين ببسط الحريات بينهم وإشراكهم في أمرهم .
ولو أنه استمع إلى نصائح المفكر وبسط الحريات ابتداء لربما كان مصيره مغايرا لما حدث ولكنهم لا يفهمون إلا متأخرين

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى