ritرأي الكتاب

في سمائنا غيمة!… خالد الفضل

ركز خطيب جمعتنا في مسجد الحي في توجنين على أهمية استمطار قيم العدالة الاجتماعية في بلادنا بغية وصول تضرعنا إلى الله بنزول الغيث إلى أبعد مكان في سماء الاستجابة، ضاربا أمثلة حية من الظلم والغبن؛ ومنها أن سيدة ميسورة قبل ملفها للذهاب إلى الخارج على نفقة الدولة لتستأصل شامة في وجهها بينما ملفات المرضى المصابين بعلل عويصة على مستشفياتنا رفضت لكونهم من أسفل المجتمع ممن لا جاه لهم ولا سلطة، ومعرجا أيضا على مسابقات اكتتاب الموظفين والنفوذ إليها وما يطبعها من الزبونية والمحسوبية. قام خطيبنا أيضا برحلة عبر الزمن داخل مسالك التراث المتشعبة لينزل البصرة في العراق، مستشهدا بقصة رجل صالح كان عبدا لتاجر نخاسة وكان تضرعه إلى الله سببا في نزول الغيث بعد أن استعصى نزوله إثر صلوات الاستسقاء التي أقامها سكان البصرة، مشيرا إلى أن الانسان ربما يظهر أمام الناس بملامح معنوية ومادية رثة لا تدعو للفت الانتباه وقيمته عند الله كبيرة ودعاؤه مستجاب، منبها لضرورة تنقية العلاقة بين الانسان والله من شتى شوائب التكبر والظلم والرياء والنفاق لتكون جسور الدعاء بتلك المتانة التي بوسعها أن تحمل تضرعنا وابتهالاتنا بسرعة تعادل ربما سرعة الضوء.
بدوري أعجبتنى الخطبة لملامستها للواقع المرير الذي نعيشه، فتذكرت حينئذ بأن سكان نواكشوط أقاموا صلاة الاستسقاء صبيحة اليوم، وتذكرت فجوتين بداخل سقف بيت معزول في شقتنا كانتا متنفسين للتهوية يعبر منها الهواء، وكيف أنني نسيت تكمميهما وأخشى أن يتهاطل المطر بغزارة بفعل صلوات استسقاء سكان العاصمة ثم يتسرب الماء للغرفة وتتبلل شهاداتي الجامعية وتذوب مؤهلاتي في أكسير الحياة H2O.
طبعا نواكشوط مدينة تعاظمت ذنوب حكوماتها وتكدست القمامة في طرقاتها، وامتلأت شوارعها بالحفر العميقة للغاية، وقلما تخلو محلاتها وصيدلياتها من أنواع البضائع والأدوية المزورة، فمدينة نواكشوط هي قلب موريتانيا النابض، فإذا صلحت صلح الوطن كله وإذا فسدت فسد الوطن كله؛ فأقيموا صلواتكم بأماكن نظيفة من القمامة والمظالم يا سكان نواكشوط لتصل دعواتكم إلى وجهتها بأمان؛ اغرسوا الأشجار وليتوقف مترفوكم عن مطاردة الغزلان والطيور في دواخل البلاد التي أنهكها العطش وزحف الرمال وآمنوا بالبيئة كما آمنت بها السنة النبوية في أحاديث كثيرة، آمنوا بالبيئة حتى تتباكى الغيوم فوق أرضكم الجدباء. إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ.
في ختام صلاة الجمعة وقف رجل قال إن أصوله البعيدة تعود لموريتانيا، لكنه من أم درمان بدولة السودان وبأنه درس لعدة أعوام في محظرة الحاج ولد فحفو؛ قائلا بأن السبل تقطعت به داخل موريتانيا ويريد مد يد العون من المصلين ليعود إلى موطنه في السودان مستخدما لغة جزلة وصوتا جهوريا قبل أن يقاطعه المشرف على ضبط مواقيت الصلوات في المسجد؛ مستخدما البوق ومتحدثا في شأن لم أتبين كنهه أظن أنه يتعلق بالحكومة والمطر والقحط فتداخلت مع كلام الموريتاني والسوداني الذي لم ينقطع صداه التعاليق الجانبية للمصلين، مما ولد جلبة وتداخلا في الأصوات أفقدا المسجد سكينته، فقلت في دخيلتي وأنا انحني لأخذ أحذيتي الإيطالية الصنع:
أخشى بأن تضرعنا في نهاية خطبة الإمام لنزول أمطار مباركة تعشوشب منها الأرض؛ قد تعثر في كلام الناس العشوائي والمتصاعد وهم ينفضون بعد صلاة الجمعة والمسجد يعج بالأصوات المتداخلة.
هنا نواكشوط( تنسويلم). هذا النص مجرد امتداد لخطبة الإمام مع التصرف، كما هو شأن حكومتنا فهي كما قال وزير نطقها امتداد لنظام عزيز مع (التصرف). الصورة أدناه منقولة من موقع لعيون انفو؛ وعلاقتها بالحنين قد تكون أقوى من علاقتها بالنص والمكان لذلك وجب التنبيه…
اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب.
الساعة 18:14 وأقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى