أخبارالمدونةثقافة وسياحةغير مصنف

‘احتفال’ الصحراويات بالطلاق.. الحقيقة وسوء الفهم

تدوينات ريم ـ أخبار ـ المرأة المطلقة، امرأة ينظر إليها في كثير من المجتمعات نظرة دونية، فهي بالنسبة للكثيرين “سيدة لم تتمكن من الحفاظ على زواجها”، وغالبا ما يتم تحميلها وحدها مسؤولية الطلاق، وهي بدورها قد تتبنى تلك النظرة تجاه نفسها، وقد تنظر إلى طلاقها وكأنه نهاية الحياة، فتنعزل وتنغلق على نفسها.

المرأة المطلقه ليست بالضروره إمرأه فاشله
أو ساقطه ✋

من الممگن أن تگون ضحيه لرجل فاشل 💔

شارگوني الرأي 👉

للأسف مازال المجتمع ينظر للمرأة المطلقة نظرة قاسية بلا رحمة بلا شفقة، وكأنها امرأة فاشلة لا تستحق الاحترام

ولكن، من بين هذه المجتمعات، هناك نساء كثيرا ما يتم الحديث عنهن كنموذج “استثنائي” و”فريد”، النساء الموريتانيات والصحراويات، اللائي يشاع أنهن لا يحزن إذا طلقن، بل يحتفلن، ولا يعتبرن الطلاق نهاية لحياتهن بل بداية حياة أخرى، أمر قد يبدو غريبا للبعض، وغير قابل للتصديق لآخرين.

فهل صحيح أن النساء الصحراويات والموريتانيات يفرحن بالطلاق ويحتفلن به؟ وهل حقا المرأة المطلقة في تلك المناطق تكون مرغوبة أكثر من التي لم يسبق لها الزواج؟

الاحتفال والفرح بالطلاق؟

الفاعلة التنموية والجمعوية من إقليم بوجدور، حنا الزاوي، تؤكد أن ما يقال عن فرح الصحراوية بطلاقها واحتفالها به “خطأ شائع” ومعلومة “غير صحيحة”.

“الطلاق هو أبغض الحلال عند الله ولا أظن أن هناك امرأة كيفما كانت وأينما وجدت قد ترغب في الطلاق وهجر بيت الزوجية إذا كانت مرتاحة وسعيدة” تقول الزاوي، مضيفة ضمن تصريحها لـ”أصوات مغاربية” أن هذا الأمر ينطبق حتى على المرأة الصحراوية إذ “لا توجد امرأة صحراوية ترغب في الطلاق ولا تتمنى أن تكون مستقرة في حياتها الزوجية” مردفة علاقة بما يشاع عن احتفال الصحراويات بطلاقهن أن “هناك لبس في الموضوع”.

فالمتحدثة تشدد على أن الصحراوية حين تتطلق وتدخل في فترة العدة، فهي تلتزم التحفظ التام، إذ “لا تتجمل ولا تتزين، كما لا ترتدي شيئا مثيرا للانتباه وحتى إذا حضرت مناسبة احتفالية ما فهي تلتزم بلباس بسيط ومتحفظ”.

وتتابع موضحة أنه بمجرد ما تنهي المطلقة عدتها فهي تقيم حفلا يختلف حجمه حسب العائلات، إذ قد يكون حفلا يضم كثيرا من الحضور كما قد يكون لقاء صغيرا يجمع السيدة بصديقاتها المقربات فقط، مبرزة أنه “ليس احتفالا بالمعنى الصحيح للكلمة”.

وحسب الزاوي، فإن ذلك الحفل يكون من جهة لتضع المطلقة حدا للحزن الذي عاشته في فترة العدة، بأن ترتدي أخيرا ملابس جديدة وجميلة، وتتزين، بالكحل والحناء خصوصا، ومن جهة ثانية هو فرصة لإعلان أنها لم تعد مرتبطة، وهو إعلان يستهدف بالخصوص العرسان المحتملين الراغبين في الارتباط بها.

وتشير المتحدثة هنا إلى أنه أحيانا “قد يكون هناك تنافس بين الرجال على المرأة المطلقة لدرجة أنهم يحسبون أيام عدتها وبمجرد إكمالها يبعث الراغب في الزواج منها، جملا مثلا، لتقيم به الحفل المذكور”، معلنا بذلك رغبته الزواج منها، فيكون قبولها بتلك الهدية بمثابة قبول بذلك العريس المستقبلي، وهو الطقس الذي يطلق عليه لفظ “يحرش لها”.

“حين نقول فلان حرش لفلانة فذلك معناه أنه يريدها وحجز الزواج منها مستقبلا” توضح الزاوي التي تلفت إلى أن هذا الأمر لم يعد منتشرا بشكل كبير، في حين ما يزال ينتشر طقس “الاحتفال” أو بالأحرى “الإعلان عن نهاية العدة”.

من جانبه، يبرز الناقد والباحث في الثقافة الحسانية، إبراهيم الحيسن، أن “المرأة المطلقة أو الطليقة تحظى في المجتمع التقليدي بالصحراء بعناية خاصة”.

ويتابع موضحا في تصريحه لـ”أصوات مغاربية” أنه “إذا ما طلق الرجل زوجته تزغرد ويقام لها الفرح وتقرع الطبول وتصيح إحدى قريباتها ثلاث مرات في الحاضرات: يا لكاعدات يا لمشدودات، فلانة منت فلان تخلات”، وهو ما يعني “اسمعن يا جالسات ويا باقيات، فلانة طلقت” يقول الحيسن، الذي يضيف أن الأم بدورها و”لمواساة” ابنتها المطلقة تخاطبها (أو إحدى قريباتها)، بالقول “نَخْتَيْرْ يْمَشِّينِي غَايْرَة، وْ مَا يْمَشِّينِي دَايْرَة”.

وعلاقة بما أشارت إليه الزاوي بخصوص طقس “التحراش” يوضح الحيسن، الذي سبق له إنجاز دراسة سوسيوثقافية عن “الزواج عند مجتمع البيضان”، أن المطلقة “تُستقبل ضمن حفل ترحيبي يسمى التحراش” الذي يتم خلاله “النقر على الطبل وإطلاق الزغاريد والتصفيق للرفع من معنوياتها”، كما يتم إنشاد موال مما تتضمنه أبياته:

“ابْلَ بَاسْ اشــْبَـــابْ اتْـــخَــلاَّتْ سَالْــمَ وَالرَّاجَــــلْ مَا مَــــــاتْ

يَا الگَاعْـــدَاتْ يَا الــمَشْــدُودَاتْ گُــومُ افْـــــلاَنَة رَاهِ اتْـخَـــلاَّتْ

وَلاَ بْـگَـاوْ كُونْ الــمَــسْلُـوبَـاتْ اللَّــللَّيَّاتْ..اللَّــللَّيَّــاتْ..اللَّــللَّيَّاتْ”

وحسب ما يوضحه المتحدث فإن المرأة المطلقة تجلس في الحفل الذي يقام لها “ترتدي ثوبين أحدهما أبيض والآخر أسود مثل العروس”، مردفا أنه “غالبا ما يقوم بهذا الحفل الرجل الذي يود الزّواج منها لأول مرة” والذي يصفونه بكونه “امْحَرَّشْ لْهَا”، إذ “يبادر بنحر جمل أو ناقة أمام خيمة أهل المطلقة، وهو ما يعرف في الأعراف الصحراوية بـ(اتْعَرْگِيبَة)” حسب ما يوضح المتحدث.

أما في موريتانيا، فلا يبدو أن الأمر يختلف كثيرا عن الصحراء، إذ توضح الناشطة الحقوقية الموريتانية، مكفولة منت إبراهيم، بدورها، بأن الأمر لا يتعلق باحتفال بالمعنى المعروف للكلمة، أو بفرح بالطلاق كما هو شائع.

وتوضح المتحدثة ضمن تصريحها لـ”أصوات مغاربية” أن الأمر يتعلق بـ”عادة من أجل إخراج المرأة من أزمتها ومنحها شعورا بأن الأمل قائم وأن العديد من الرجال يتمنونها”، مردفة أنها “هكذا تفرح لأن الجميع يشاركها وتنسى بسهولة”.

وتلفت الناشطة الحقوقية إلى أن ما يتصوره البعض حفلا كبيرا، “قد يقتصر على سيدتين تطلقان زغرودة يسمعها الجيران الذي يسألون عن أسبابها فيتم إعلامهم أن فلانة طلقت لينتشر الخبر حتى يسمع أحد المعجبين بخبر تطليقها فيتقدم لها”، مضيفة أن الأمر “ليس فرحا حقيقيا بل إعلان عن خبر طلاقها لمن يريدها وتحويل الحزن إلى فرح فقط”.

وفي الوقت الذي تقيم النساء الصحراويات ذلك الطقس بعد انتهاء فترة العدة، حسب ما أوضحته الزاوي، فإن الأمر يختلف في موريتانيا، إذ توضح منت إبراهيم، أن زغرودة الإعلان عن طلاق السيدة تتم “بمجرد لفظ الطلاق أو وصول رسالة التطليق إلى المرأة”.

وتلفت المتحدثة هنا إلى أنه “كثيرا ما يتقدم لها آخر ويصبح خدنا (صاحبا) لها، بشكل سري لا يعلن عنه، في انتظار انتهاء عدتها”.

تفضيل المطلقة على البكر؟

من المعلومات الشائعة أيضا بخصوص الصحراويات والموريتانيات، علاقة بموضوع الطلاق، والاحتفال به، أن المطلقة مرغوبة أكثر من التي لم يسبق لها الزواج، بل الأكثر من ذلك أن مهر المطلقة أكبر من مهر البكر.

الناشطة الحقوقية الموريتانية مكفولة منت إبراهيم تنفي تلك المعلومة بطريقة غير مباشرة، إذ تعلق قائلة إن “كل رجال العرب يريدون فتاة بكرا”، قبل أن تردف أنه مع ذلك فإن “كثرة زيجات المرأة تدل أيضا على أنها امرأة جميلة”.

ورغم أن فكرة تفضيلها أكثر من البكر، ليست صحيحة مئة بالمئة حسب ما توضحه منت إبراهيم، إلا أنها تؤكد في المقابل أنه في المجتمع الموريتاني لا يُنظر للمرأة المطلقة نظرة ناقصة أو تعتبر بطلاقها وكأن حياتها انتهت، “هذه العادة ليست عندنا الحمد لله” تقول المتحدثة التي تشير إلى أن المطلقة تستطيع الزواج أكثر من مرة إذا شاءت.

من جانبها تنظر الفاعلة التنموية والجمعوية حنا الزاوي إلى الأمر نظرة نسبية، بقولها “كلها ورزقها”.

فالزاوي بدورها تنفي صحة كون المرأة المطلقة في الصحراء مرغوبة أكثر من التي لم يسبق لها الزواج أو أن مهر الأولى أكبر من الثانية، وتوضح بهذا الخصوص أنه لا توجد عادة معينة، وأن المجتمع الصحراوي كأي منطقة يتعامل مع الأمر حسب كل شخص، فـ”قد يكون هناك من يحب حقا الارتباط بسيدة مطلقة إذ يعتبر أن لها تجربة”، مشيرة إلى أن المهر بدوره ليس رهينا بكون السيدة مطلقة أو بكرا ولكن مرتبط بقدرة الرجل.

المصدر: أصوات مغاربية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى