ritأخبارمقابلة

الإعلامي ولد إدومو: الوقت قد حان لتغيير النظرة الدونية للصحافة (مقابلة)

تدوينات ريم ـ مقابلات ـ قال الإعلامي الربيع ولد إدوم إن لوقت قد حان لتغيير النظرة الدونية للصحافة، وعلى الدولة ان تفهم ذلك.

جاء ذلك خلال مقابلة مع ندوينات ريم أوضح فيها ولد إدومو أنه استنتج من تجربته الإعلامية أن الصحافة ليست بوابة للثراء خصوصا في موريتانيا، لكنها موقع جيد لإيصال اصوات الناس الذين لا يمكن لصوتهم ان يصل دون مساعدة.

وفيما يلي المقابلة كاملة:

أهلا بكم:

س: نعيش هذه الأيام ذكرى العيد الدولي للصحافة، ما الذي تعني هذه الذكرى للإعلامي الربيع؟

تعني الكثير، اعتقد انها فرصة لأي صحفي لمراجعة عمله وتحديد واقع الحال في بلده، وهي فرصة للقول ان الوقت قد حان لتغيير النظرة الدونية للصحافة، على الدولة ان تفهم ذلك، لأنه فعلا لا توجد ديمقراطية دون صحافة جيدة، وواقع الصحافة لا يزال صعبا ولا زال الحصول على المعلومة شبه مستحيل، ولا زال التمييع سيد الموقف، وبدون ارادة سياسية حقيقية سيبقى هذا الحقل معطلا ولا يعود بفائدة على ارساء  قيم الجمهورية.

س: خضت تجارب إعلامية هامة، في التلفزيون والإعلام المكتوب، ما الذي استخلصه الإعلامي الربيع لحد الآن؟

اول ما استخلصته انني في المكان الصحيح، الصحافة ليست بوابة للثراء خصوصا في موريتانيا، لكنها موقع جيد لإيصال اصوات الناس الذين لا يمكن لصوتهم ان يصل دون مساعدة، وهذا موقع جيد لمن يؤمن بالتغيير وتحسين الاوضاع عن طريق كشف الحقائق ووضع الناس في الصورة.

س: رمضان في ظل كورونا، حظر وحجر منزلي، الربيع الكادح المكافح، هل يرضى بالسجن أم سيخرج لكي يرى حال المطحونين؟

 

ربما توري الصحاة مخرجا من هذا المأزق، نفْلت احيانا من الحجر لأنه علينا انجاز مادة صحفية ليلا، وفي اوقات متأخرة، لذلك نحصل على ترخيص يتيح لنا تجربة مواكبة حياة الفقراء الذين تضرروا اكثر من غيرهم من الاجراءات الاحترازية لمحاربة كورونا، لقد انجزت اعمالا حول بائعات الكسكس وكيف يتم نقل المرضى الذين يخضعون لتصفية الكلى في المستشفيات وينهون مناوباتهم في وقت متأخر وكيف ان بعضهم لا يملك سيارة ويستفيد من خدمة نقل تقدمها وزارة الشؤون الاجتماعية.

الحجر الصحي تجربة بشرية يخضع لها اغلب سكان الكرة الارضية وهي تجربة انسانية غير مسبوقة، لقد تعودنا دائما كبشر ان نواجه الاوبئة والمخاطر ونحن معا، هذه اول ازمة يتوجب علينا مواجهتها منفردين، والأكيد ان ما بعدها لن يكون كما قبلها، لأنها ستؤثر حتما في سلوك البشر.

طبعا ازمة كورونا يدفع ثمنها الكثير لكن البسطاء اكثر لانهم تعودوا على تحصيل قوتهم اليومي بشكل يومي، طبعا الاغنياء سيخسرون لكن ليس كخسارة الفقراء الذين تقر الدولة انهم بحاجة للمساعدة حتى يبقوا على قيد الحياة.

 

س: عرفت بكتاباتك المتميزة، لكن بعضا من المراقبين يقول إن طابع الخيال يطغى عليها لدرجة أن البعض يقول انها من نسج الخيال؟

 

الخيال هو واقع معاد التدوير، وعلى عكس ما قد يتصور البعض الخيال هو الحياة، ان البشر لم يتطور الا من خيال تخيله لحياة افضل، كل ما نقوم به في الحياة نتخيله بطريقة او اخرى.

الناس يتخيلون كيف سينجحون وكيف سيحبون ويتزوجون، ويتخيلون العائلة التي يريدون والوظيفة التي يطمحون لها، ثم يسعون الى تطبيق ذلك على ارض الواقع.

لذلك وصم كتابات بأنها خيالية ليس امرا سلبيا من هذا المنظو، رغم ذلك اعتقد ان الكتابات الأدبية التي اتشاركها مع الجمهور على وسائل التفاعل الاجتماعي تصنف ضمن ادب الواقع، واحيانا واقعية لدرجة لا يمكن لأحد ان يتصور واقعيتها.

الامور احيانا واقعية لدرجة لا يمكن تصديقها، وقصص التميشة مثلا التي اكتبها حظيت بمتابعة جماهيرية مهمة لأن الجميع يعتقد بطريقة ما انها تمثله، اضافة الى كونها تعيد بريق المحلية كبوابة للانتشار الادبي.

س: تقرير كتبه أو أعده الربيع ولا يزال يستحضره؟

قصة أصغر مطلقة في موريتانيا التي فازت بجائزة انترنيوز لحقوق الانسان في باريس ديسمبر 2008 تبقى اقرب القصص الى قلبي رغم مرور قرابة 12 عاما على انجازها.

س: أي عمل إعلامي قمت به وتتمنى لو لم تفعل؟

كثيرة، لقاءات مع اشخاص لا يستحقون، لكونهم جزء من اعمالي الصحفية لا يمكنني الآن ذكر اسمائهم لتفادي جرح المشاعر، لكنني قابلت اشخاصا كثر، منهم قتلة ومنهم سياسيون مزيفون، ومنهم مسؤولون محتالون، كانت الموضوعية الصحفية تقتضي لقاءهم لإظهار وجهة النظر ووجهة النظر المقابلة، او اتاحة الفرصة لسماع صوت لا يريد أحد سماعه.

س: مهنتنا ليست مهنة مزاج او اختيار، الموضوعية احيانا تملي علينا ان نقابل اشخاصا وندون آراءهم ونحن لا نؤمن بما يقولون.

س: في حال كنت ستكلف بالقضاء على ظاهرة سلبية في الصحافة ماهي وكيف ستقضي عليها؟

اقضي على الوساطة واتاحة الفرص الثمينة في المؤسسات الحكومية والاجنبية التي توكل الى اشخاص لا يستحقونها، ويحرم منها الصحفيون الاكفاء، تلك جريمة يتم تنفيذها منذ سنين ولا زالت مستمرة. سببها ترجيح العلاقات الاجتماعية والصداقة والقرابة على المهنية ومعايير التفوق والالتزام.

س: حين يود الربيع الكتابة لمن يكتب؟

اكتب للإنسان، أي إنسان، الانسان بطبعه وبغض النظر عن عرقه ولونه ووضعه الاجتماعي والاقتصادي يبقى انسانا مولعا بالاطلاع على التجارب الانسانية.

ومن يكتب للإنسان يحافظ على جوهر الكتابة كتدوين لميول الذوات البشرية وتقلبات الحياة، وتسليط الضوء على سلوكنا المعقد الذي لا يمكن ادراك كنهه مهما كتبنا.

س: لا شك حصلت معك مواقف حرجة لا تخلو من طرافة أثناء العمل، هل لك أن تتحف قراء تدوينات ريم بنموذج؟

المواقف التي تمر بالواحد وتتميز بالطرافة لا تحصى، مرة كنا قد حصلنا على ترخيص من الشركة الوطنية للصناعة والمعادن “سنيم” وسنيم كما تعلمون مؤسسة شديدة الالتزام.

كان علينا التنقل الى محطة القطار الرئيسية خارج مدينة نواذيبو لنغطي رحلة قطار المياه لإنجاز فيلم وثائقي.

يبدو اننا وصلنا قبل الموعد لتفادي أي تأخير، وكانت كل معداتنا في الحقائب، وقد تأخر ابلاغ المسؤولين بقدومنا فدخلنا الى قاعة الانتظار المتواضعة وجلسنا مع الناس العاديين بل ان اثنين من فريقنا ناما على المقاعد كما يفعل اغلب الناس من شدة التعب حيث كنا نصور لأيام في مدينة نواذيبو.

كان الجميع ينام على البلاط وعلى المقاعد في انتظار القطار وكانت الحقائب مشتتة والقاعة غير منظمة.

الطريف ان المسؤولين في الشركة ابلغوا المحطة بأننا سنصل في الخامسة وسنسافر في القطار ويجب استقبالنا وتسهيل مهمتنا والاحتفاء بنا على احسن وجه.

وكتطبيق لذلك قرر عناصر الشرطة دخول القاعة لترتيبها فدخلوا بقوة ينهرون الناس ويأمرونهم بالجلوس وتنظيم الحقائب حتى تبدوا القاعة منظمة والمسافرون طيبون وكل يجلس بهدوء على المقاعد.

وكانا ان ايقظوا الجميع وهم يرددون:

الصحافة ستصل بعد قليل.. استيقظوا ونظموا حالكم. نريدهم ان يروا كل شيئ منظم عندما يصلون.

فوقفت لأتحدث إليهم بأننا وصلنا بالفعل منذ بعض الوقت، لكن احد العناصر نهرني:

ليس لدي وقت لك.. لدينا وفد من الصحافة سيصل بعد قليل. اجلس وضع الى جانبك حقيبتك.

فقلت له: نحن وفد الصحافة فعلا.. والشخصين اللذين ايقظتهم جزء من الطاقم.

وقد صدمهم ذلك، وحصل بعض الحرج، لكننا خففنا عنهم، وقلنا لهم اننا لا ننوي الاساءة لهم في شيئ، وان المسافرين مرهقين ولو ناموا على المقاعد فلا بأس في ذلك.

وخرجوا من القاعة وهم يكررون: اللهم استرنا بسترك الجميل.

وقد عوضونا عن ذلك بكأس شاي وشيعونا حتى ركبنا في القطار.

نشكركم جزيل الشكر، ونتمنى لكم رمضانا مباركا، والشطر موصول لقراء الدردشة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى