رأي الكتاب

على محمد الشرفاء الحمادى يكتب : سنة الرسول أخلاقيات القرآن

إن القرآن الكريم رسالة الله إلى خلقه حملها محمد رسوله للناس كافة وكلفه سبحانه بإبلاغ رسالته لعباده، ورسمت الآيات الكريمة خارطة طريق للبشر جميعا تقودهم إلى عمل الصالحات وتؤسس لمجتمعات يسودها الرحمة والعدل والحريّة والسلام، وضع الله للناس سبحانه قواعد تدلهم على التمسك بحبل الله حيث يخاطب سبحانه رسوله بقوله ( فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (43) وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ ۖ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44) سورة الزخرف، ماذا انزل الله على رسوله ويأمره بالتمسك به أليس القرآن الكريم، ويحذره مع قومه أنهم سيسألهم الله يوم القيامة هل اتبعوا قرآنه وهل تعرفوا على بيانه وهل تدبروا أحكامه واستنبطوا من آياته أحكامه وتخلقوا بفضائله، ليحسن الإنسان إسلامه، كلا حينما يتهم القرآن على لسان رسوله ويشتكي لله قومه بقوله :(وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (30) الفرقان فهل سيُسال الإنسان هل اتبعت البخاري ومسلم والترمذي والمئات من ناقلي الروايات والإسرائيليات المدسوسة على رسولنا الكريم، وكيف يمكن أن يخالف رسول الله رسالة ربه وهو يأمره بالتمسك بالقرآن ويخبره بأنه ذكر لك ولقومك وسوف تُسألون عنه يوم القيامة، وتحذير من الله بأن من يتبع غير القرآن سيكون عذابه أليما، وهل من المنطق أن الرسول وهو مكلف بتبليغ القرآن للناس يشرح آياته ويعرفهم أحكامه أن يأتي بأحكام وتشريعات تتعارض مع آيات الله وحينما كلفه سبحانه وتعالى بإبلاغ الناس بآياته حيث يقول سبحانه:” (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67)) المائدة فإذا كان ما تعنيه الآية الكريمة بكل وضوح حيث يأمر رسوله بتبليغ رسالة الإسلام تضمنها كتاب الله المبين وحددت آياته مراد الله لخلقه من دعوته لهم بالعمل الصالح والتسابق للخيرات لتحقيق السلام الاجتماعي للمجتمعات الإنسانية ليستمتعوا بحياة الأمن والاستقرار يسودها التراحم ويطبق فيها العدل دون اعتداء او ظلم الإنسان لأخيه الإنسان بأي وسيلة كانت لان الله لا يحب المعتدين ولا يحب الفساد فى الأرض ولا يحب الظالمين، فكيف يمكن للرسول الكريم ان يبلغ الناس أحاديث لم يأمره الله بان يأتي بأي شيء من عنده غير تعريف الناس بأحكام العبادات ومقاصد الآيات ويشرح لهم سبل السلام ويطبق أمامهم قيم القرآن وفضائله ولذلك وصفه الله سبحانه وتعالى (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) سورة القلم وعندما قال سبحانه (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21) (الأحزاب،) حيث أن الله سبحانه يوجه الناس بأن يتبعوا رسول الله فى سلوكه وتعاملاته مع أهله وقومه ومع كل الناس دون استثناء رحيما بهم عادلا بينهم متسامحا مع من يسيء إليه صادقا وأمينا لم يعتدى على حقوق الناس ولَم يظلم احدا منهم ولَم يحابى فى الحق قريبا بل يدعوهم للمحبة والتعاون والدفع بالتي هي أحسن يقرب ولا يفرق يوحد ولا يجزء يعطف على الفقراء والمساكين يدافع عن حقوقهم الكل عنده أمام العدالة سواء يزور مريضهم ويتفقد أحوالهم يقود جيش المسلمين فى المقدمة دفاعا عن حقه الإلهي فى حرية التعبير ونشر دين الحق بالموعظة الحسنة والحكمة تجده فى حالة الاعتداء على قومه يهب دفاعا عنهم وعن عقيدتهم ومع ذلك فان عرضوا السلم تقبله ليعصم الدماء ويحقق السلام هدفه الأسمى هداية الناس لما يصلحهم ويحقق لهم الأمن والاستقرار والعيش الكريم

وكثير من الفضائل والأخلاق التي بها وصفه الله بالخلق العظيم وجعله قدوة للمسلمين ولكن المسلمين لم يطيعوا الله وما يحقق صلاحهم فاتبعوا الشياطين ناقلي الروايات الذين تسببوا فى خلق الفتن بين الإخوة وتقاتل الأشقاء وسالت بينهم الدماء خلوا التباسا خطيرا فى رسالة الإسلام زرعوا الشقاق وشوهوا قيم الأخلاق تحولت النفوس برواياتهم إلى وحوش فقدت الضمير تراهم وجوههم مكفهرة خطابهم امتزج بالحقد الأسود والكراهية يكفرون الناس ويتهمونهم بالردة تحولوا بواسطة الروايات وكلاء عن الله فى الأرض وعندما يقول سبحانه (قَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ 21) الأحزاب إنما يعني انه يأمر عباده جميعا بان يقتدوا بسلوكه ويتبعوا المنهج الإلهي الذى جعل قيم القرآن وفضائله يترجمها رسول الله على ارض الواقع وتلك هي سنته الحقيقية التى يجب على المسلمين الالتزام بتطبيقها سلوكا ومعاملة وتشريعا إذا الأسوة قدوة والقدوة سنة يتفاعل بها المسلم مع المنهج الإلهي قولا وعملا لقد نقل الرسول عن ربه آيات بينات من الهدى والفرقان ليخرجهم من الظلمات إلى النور ولكن انصرفوا عن القران وتبعوا أهل الروايات التي نسبوها للرسول بهتانا وزورا وهجروا القران واتخذوا إلى الشيطان سبيلا هل أمر الله رسوله بان يحدث الناس بشيء غير القرآن والله يكلفه بقوله ((نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْهِم بِجَبَّارٍ ۖ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ (45) ق، كيف وما قبلها من آيات يؤكد الله لرسوله فى تكليفه أمرا محددا أن يتمسك بالقران وأن يذكر الناس بالقران حيث يقول سبحانه (كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151) البقرة هذه الآية تؤكد أيضا التكليف الإلهي لرسوله أن يتلوا على عباده آياته من القران الكريم ولا يوجد فى الآيات الكريمة حرية التصرف للرسول فى إبلاغ الناس بشيء أخر غير القرآن الكريم ثم تأتي أية صريحة وأمر واضح للناس بقوله سبحانه ((المص (1) كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ (2) اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ (3) الأعراف فماذا بعد أمر الله بإتباع القرآن وعدم إتباع من دونه أوليا ماذا يريد الذين نصبوا أنفسهم شيوخا للإسلام وعلماؤه ومصادرها الرئيسيّة مجموعة من الخرافات والأساطير والروايات الشيطانية هل فقدوا البصر والبصيرة ونسوا الله فأنساهم أنفسهم وفيهم يصدق قوله سبحانه مخاطبا أدعياء الوعظ والإرشاد

وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَٰؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (17) قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنبَغِي لَنَا أَن نَّتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ وَلَٰكِن مَّتَّعْتَهُمْ وَآبَاءَهُمْ حَتَّىٰ نَسُوا الذِّكْرَ وَكَانُوا قَوْمًا بُورًا (18) فَقَدْ كَذَّبُوكُم بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًا وَلَا نَصْرًا ۚ وَمَن يَظْلِم مِّنكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا (19) الفرقان (وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا (28) لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي ۗوَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا (29) وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (30) الفرقان.

(فويل للمن هجروا القرآن من عذاب عظيم فى الدنيا والآخرة وما نحن فيه الْيَوْمَ من شقاء وقتال وفتن ودماء الأبرياء تسيل عبثا وحياة الضنك التى يعيشها العرب ينطبق علينا قوله تعالى (وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ (124) طه وتحية وسلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى