ritأخبارمقابلة

ولد الشيخ سيديا: لو سئلت أقلت الوزير الأمين العام للحكومة، وأتوقع تشكيل حكومة بعد “كورونا (مقابلة)

 

س: لكل واحد منا ذكريات مع رمضان خصوصا التجربة الأولى ما ذا عن الأستاذ اسماعيل؟

شكرا على الاستضافة على موقع تدوينات ريم، بالنسبة لرمضان كانت تجربتي الأولى بالفعل قبل البلوغ كسائر المراهقين الموريتانيين.

وكان يطبعها التحايل والتشبه بالكبار لدرجة أني أتذكر ان رمضاني الاول كان “قائظا” ولم اكن بلغت سن الصوم الشرعي وكنت أقلد الكبار ولشدة الحر في “بتلميت” ؤضطر لرش ثيابي أحيانا لكي أتكيف مع الحر، ولم اكن أعي خطورة الأمر، ولكن درجات الحرارة المرتفعة حوالي 45 درجة كانت تسمح بمرور الامر بسلام.

ومن طرائف الصيام أيضا انني كنت في وقت السحر انتظر  “المسحراتي” الرجل المعروف في ابي تلميت عبد الله العتيق ولد احمد زايد، لأقلده وأسايره لمسافة 5 كيلو متر تقريبا، ويمر علي وقت الامساك، وأنا أتبع الرجل، بمعنى أن البرنامج في الليل مكثف أكثر من النهار.

أما في النهار فأقضي طوله في النوم وفي أماكن مجهولة بالنسبة للأسرة حتى لا يوقظني أحد افرادها سواء للصلاة أو لتأدية بعض واجبات المنزل، وتفوتني كل الأحداث في نهار رمضان.

س: انتم محلل سياسي خبير في الشؤون الإفريقية، هل ترى أن افريقيا في الوضع الراهن معرضة لكارثة بسبب “كورونا” ام لا؟

افريقيا ليست محصنة أصلا بفعل ضعف البنية التحتية الصحية وبسبب الفساد الذي يعشش في الإدارات الافريقية.
ولكن الانذارات التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية خلقت نوعا من التنبه واليقظة خصوصا لدى الاتحاد الافريقي الذي يرصد الحالات أولا بأول.

وبطبيعة الحال الحكومات ذكية وفي معظمها شابة وفرضت نوعا من الحصار على الحدود في أكثر من دولة خاصة في ال44 دولة والتي تسمى دول الصحراء وجنوب الصحراء والتي هي تقريبا ثلاثة أرباع أو أربعة اخماس افريقيا،

وبطبيعة الحال هنالك تفاوت في الإصابات بحيث أن الدول الكبرى ترزح تحت وطأة الفيروس (مصر جنوب افريقيا نيجيريا الجزائر والكونغو الديمقراطية) ولكن الحالات الوبائية ليست جديدة في إفريقيا بحيث أنها مصدر لوباء الحمة النزيفية “آيبولا”

وقد خلفت تجربة “آيبولا” في جنوب الصحراء نوعا من النضج لدى الطواقم الطبية ولدى القرار السياسي سيما إذا كان مصحوبا باليقظة الدولية.

لكن الحكومات الإفريقية ستخرج من “كورونا” أكثر انهاكا وستنتشر البطالة، والأفارقة الآن رغم تصاعد الإصابات من 0 في بداية مارس إلى حوالي 40 ألفا في نهاية ابريل، ستكون حكوماتهم منهكة بحيث أن مرحلة ما بعد “كورونا” ستكون اقسى من كورونا نفسه.

س: من خلال متابعة منشوراتكم يحس القارئ أن لديكم إلماما واهتماما بالقارة السمراء، غير موريتانيا أين يجد اسماعيل نفسه؟

أنا اعتبر نفسي إفريقيا قبل أن أكون أي شيئ آخر، “أنا انسان إفريقي” واعتقد أن افريقيا هي جارة لموريتانيا ،وهي امتداد لموريتانيا  فالشعب الموريتاني هو مزيج من العادات والتقاليد الافريقية والعربية.

وأنا أجد نفسي في غابات السافانا وفي أكواخ العجائز الإفريقية أكثر من ما أجدها في العمارة الأوربية وحتى الأندلسية، لأن الأفارقة هم جزء مني وأنا جزء منهم ،

واعتقد أن الموريتاني الاصيل هو ذاك الذي يضع رجلا في “عكاظ” وأخرى في “كازا مانص” بمعنى أن هذا الامتداد الجيو استراتيجي لنا وهذا المحيط الذي أثر في موسيقانا، وأثر في غذائنا وأثر في دوائنا وأثر في ألسنتنا يكفي من التعالق بيننا وبينه وقليل في حقه أن نهتم به.

س: قضى “كورونا” على كثير من المظاهر الرمضانية كيف ترى رمضان هذه السنة؟

أرى أن رمضان هذه السنة هو رمضان التأمل رمضان القطيعة رمضان الحجر وهو كثير الإحالات والإيحاءات.

رمضان الوحدة والتوحد، لا صلاة للتراويح ولا للجمعة ولا زيارات منزلية، لاصلة رحم إلا عبر الهاتف أو ما كان منها على استحياء، وبالتالي فهو رمضان حزين بسبب “كورونا” ولعله اقسى رمضان في حياتي.

ولكن بطبيعة الحال هنالك جو من الضراعة واللجوء لله تعالى والضعف والوهن غير مناقض للجوعي والعطش التعبديين لله تعالى، وبالتالي فأنا سعيد برمضان “كورونا2020”.

س: رمضان في ظل الحجر الصحي والبقاء في المنزل، وضعية صعبة أم مريحة؟

بكل تأكيد هي وضعية صعبة ولكن روحانيتها والإلحاح في العلاقة بين الانسان وخالقه وتكشف مواطن الوهن لدى الانسان والخوف من الجائحة وجو الارتباك الذي تعيشه المصالح العمومية ويشهده نشاط الافراد هذا يخفف من صعوبة المرحلة ولكنه لا يجعلها مريحة.

فرمضان هذه السنة فاقد للأريحية وتلك العلاقة الأفقية بين الصائمين فيما بينهم وبين الأحباب والأهل.

فلا أحد يتناول الإفطار مع أحد، وكل محجور عليه في بيته فبالتالي هو رمضان الوحدة بامتياز.

س: موريتانيا في هذه الفترة تعيش شبه هدنة فرضتها ظروف مختلفة، ما توقعك لمستقبل البلد؟

اعتقد أن موريتانيا ما بعد كورونا ستخرج قوية مستقلة اقتصاديا ومستقلة زراعيا ومتصالحة مع ذاتها واستشِف ذلك من خلال الهدنة التي عقدتها المعـارضة والأغلبية من أجل مواجهة كورونا.

واعتقد أن هذه الهدنة ستستمر لما بعد “كورونا” لأن حال البلاد يكفي عن سؤالها، ولأن العوز العالمي سيأخذ منا ايما مأخذ وبالتالي لا خيار لدى الحكام في الإبداع في الحلول ولا خيار لدى المعارضة من التروي وقد تطول تلك الهدنة لمرحلة ما بعد الانتخابات.

هنالك احتمال أن تنتشر البطالة وينتشر الإفلاس في الشركات ويتحول الأمر إلى كارثة اجتماعية واقتصادية، ستتشكل بعدها حكومة ائتلافية لمواجهة الوضع لأنه لم يعد هنالك حاكم ولا محكوم بل هنالك دولة تواجه أزمة.

س: حين ينوي الكاتب اسماعيل الكتابة لمن يكتب؟

أنا أساسا أكتب للقضية فحين أمسك القلم أنظر للقضية من الداخل وانظر إليها من الخارج وآخر من أفكر فيهم هم القراء، ولذلك هنالك مصالحة بيني وبين حروفي، اعتقد انها هي السر في استمرارية الكتابة.

أما إذا رأى الكاتب آراء من هم حوله وحاول أن يجبر خواطر الكل فإنه لن يكتب، هذا بالطبع إضافة إلى انني أتمثل الأناقة في الحرف، وأتمثل اللباقة في العلاج لأنني من الذين يعتقدون أن المظلمة أو القضية حيث هي حين يكتب عنها ببذائة فإنها تفقد بريقها وتفقد الكثير من قرائها.

س:  ما ذا تعني لك هذه الكلمات… الجالية … السياسة …الجهوية …الوظيفة…التصوف؟

الجالية = هم أولئك المواطنون الذين غادرونا طوعا أو أكرها وفي الغالب يغادرون كرها بسبب المعيشة، وأحترمهم كثيرا وأشفق عليهم كثيرا، وأحيانا ارتاح لهم حين ينجحون، وبالتالي الجالية هي ذلك الجزء من الوطن الذي جافى الأرض والأهل ودائما يخيل إلي أنني مدين لهم ب”اعتذار” حتى من خارج صنع القرار.

ولأن الموريتانيين شعب مهاجر فإن في هجرتهم ووجود جاليات في الخارج مصدر فخر واعتزاز، فعلى سبيل المثال الأطباء الموريتانيون في تونس والمغرب وفرنسا الذين يوجدون في الخطوط الأمامية لمواجهة “كورونا” هؤلاء مفخرة وكذلك العلماء والمهندسون في الولايات المتحدة وأوروبا هؤلاء مفخرة.

واعتقد ان وجود جاليات في إفريقيا مكابدة بدأ يؤتي أكله سواء بالنسبة للداخل أو للخارج لأنهم قوم مفيدون وبمجرد أننا نصدر اناسا مفيدين ذلك أمر يدعو للاعتزاز.

السياسة = اعتقد انها فعل نبيل أريد له من خلال الاحكام الاستبدادية أن يكون مسخرة لأن ممارسة السياسة في الأوطان التي نسكن فيها هي جزء من كينونة الفرد فإن لم تمارس السياسة في هذه الأوطان فإن السياسة ستمارسك.

الجهوية = كلمة جغرافية تتخذ فزاعة للنيل من الكفاءات وللنيل من القناعات وللنيل من الاختيارات، واعتقد أنها في موريتانيا غير موجودة أصلا إلا عند الحاجة فيمكن أن تعين حكومة بالكامل من جهة واحدة إذا كانت ذات كفاءة ولكن المحاصصة الجهوية تفرض نفسها على الدولة الوطنية منذ فجرها.

واعتقد أن الشيء الوحيد الذي يمكن أن يمتص السم الجهوي هو ان ندخل مباشرة في اللامركزية بحيث تكون العاصمة نواكشوط منظمة فقط لحظوظ المواطنين في الولايات بدلا أن تكون قائدا في كل شيء.

الوظيفة = تعني لي ذلك العقد المفقود الذي يحمي الموظف في حله وترحاله في قوته وضعفه واعتقد أنها في موريتانيا تحتاج للكثير من التهذيب والتجذير لأن الموظف في موريتانيا حقوقه ضعيفة سواء ما كان منها نقابيا أو ماليا.

بمعنى أن الرواتب في موريتانيا مدعاة للبكاء ولذلك فالموظف الموريتاني معرض للفساد ومعرض للرشوة ومعرض حتى لدوس حقوقه لأنه لا حماية له ولا حماية لجيبه إلا ما كان من مبادئ العفة التي جاء بها من تربيته وتكوينه.

 التصوف = هو مفهوم جميل ينبني على التخلي عن ما يغضب الله، والتحلي بما يرضي الله، واعتقد أننا محتاجون للتصوف في كل مناحي الحياة لأن القوم المتصوفة هم ناس زهاد يهتمون برقي الروح ومحاربة النفس والهوى والدنيا والشيطان وهم اصحاب السلوك ونحن بحاجة لهم في كل مناحي الحياة، وأكبر خدمة يمكن أن نقدمها لأنفسنا هو تلك المسحة الصوفية في سلوكنا.

س: في حال كلف الأستاذ اسماعيل بأن يقيل أحد وزراء موريتانيا والسنغال وغامبيا من منصبه من يقيل في كل دولة؟

اعتقد أنني في موريتانيا سأقيل الْوزير الامين العام للحكومة لأنه يكفي أن يكون مسؤولا في الوزارة الأولى ولأنه أيضا يتداخل مع الوزير الأمين العام لرئاسة الجمهورية على الأقل من حيث الدور، ويتداخل أيضا مع دور ديوان رئيس الوزراء.

في السنغال سأقيل وزير البيئة لأنه يشغل عدة حقائب مبهمة.

في غامبيا يمكن ان أقيل وزير العدل لأن هنالك أكثر من لجنة تتكلف بالعدل ولأن هنالك المدعي العام في النظام “الأنكلو سكسوني” هو اقوى من وزير العدل.

أتمنى صوما مقبولا لكل قراء تدوينات ريم وأشكركم مرة أخرى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى