ritأخباررأي الكتاب

الحسن البمباري يكتب..”إستهلال”

“إذا كان أي منكم يقيم (هنا) عندما يقدر أن يرى كيفية إدارتنا للعدل وبغية تنظيمنا للمصالح العامة، فإننا نعتقد أنه بفعله ذاك قد تعهد فعلا، بأن يقوم بأي شيء نطلبه منه”
سقراط
**
منذ أن قال مارت لوثر i have a dream إلى أن قال جورج فلويد i can not breath وحتى نص محمد احريمو الأخير عن عنصرية اتحادية كرة القدم في موريتانيا.
كان وبقي وسيبقى الرابط الوحيد بين هذه المواقف وغيرها هو الرفض الإنساني لكل فعل يهين الإنسانية، أي الفعل الذي يحرمك حقك في الحصول على ما تخوله لك قدراتك الحياتية وإمكاناتك التي يتيحها السياق.
صحيح أن أي اقصاء لحمود أعمر من الرياضة الموريتانية -مع عدم اهتمامي بالمجال المحلي رياضيا- هو ظلم وعنصرية، مهما كان الذي قام به، ولكن لنفكر داخل البنية ذاتها، متى كانت هناك بنية إنسانية غير عنصرية وغير ظالمة؟.
منع أهل الآداب من دخول كلية الطب ومنع أهل المحاظر من دخول كلية العلوم تحديد الوظائف بالشهادات والإمكانات التعليمية؛ ففي دولة كمصر مثلا يمنع أبناء البواب من دخول قطاع القضاء كحفاظ على احترام المهنة مهما كان مؤهلهم العلمي…الخ من الأفعال الإنسانية، ألا يبدو أن كل هذه البنى عنصرية وظالمة في واقعها؛ ما أريد الوصول إليه هو أين كنا عندما كانت هذه البنى تصمم؟ هل كنا جزء من هذه المنظومة في الوقت الذي كان الآخرون يجاهدون لتأسيسها وبنائها؟ إن المسألة أساسا تتعلق ب “من الظلم تولد الحريات”، اليوم بالذات نحن في مرحلة إعادة تأسيس البنية وإعادة أشكلة القوانين الذي تقوم عليها، وتطويرها بما يناسب طموحات الموجودين في الفضاء الذي تشغله هذه البنية.
فالعنصرية كحكم هي تقييم لموقف ولمرحلة ولحالة بعينها بسياقها وظروفها، وما نغفل عنه أن العنصرية تكمن في القوانين التي تحكم البنى وليس في الأفراد أنفسهم ضرورة والذين يصبحون مع الوقت مجرد مطبقين بكفاءة لمتطلبات هذه البنية العنصرية في داخلها وفي تطبيقاتها.
والقياس الذي يسير إليه البعض هو ذاته المشكل الذي يعود بنا إلى المعادلة الصفرية ” خاسر|خاسر”، فما عاناه السود حراطين أو زنوج هو ظلم وعنصرية ولكن لا يعني ذلك أنه على الآخرين أن يعيشوا ذات العنصرية ليكون الوضع متعادلا أو متساويا، المسألة الأهم أن العنصرية مقيتة ولا يجب تبريرها ضد أي إنسان ولا مقارنتها مع أي فعل عنصري آخر، المشين والمشين مقارنتهما تعني ضرورة أن الناتج أكثر سوءا وهو تبرير الفعل المشين وكما يقول روسو فإن النذالة وحدها هي التي تجعل فعلا كالإستعباد مازال قائما إلى اليوم، والنذالة أيضا كل النذالة في تبرير فعل عنصري بأي طريقة كانت.
للعبرة
القوتان الأخلاقيتان للمواطنين في تعاون جماعي هما: الحس بالعدالة، والقدرة على تحصيل مفهوم للخير.
ص 112 . جون رولز، العدالة كانصاف

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى