“مؤثرات السوشيال ميديا”.. صراعات يومية تشغل موريتانيا
بجمالهن ومظهرهن العصري وأحاديثهن التي تجمع بين أخبار المجتمع الأكثر تداولاً وآخر صرعات الموضة، تحاول المؤثرات على مواقع التواصل الاجتماعي بموريتانيا كسب مزيد من الشهرة والتفاعل عبر المنصات.
“الأعلى مشاهدة”
وتأتي هذه الظاهرة في مجتمع تقليدي قبلي يُقبل على كل جديد يراعي المعايير الاجتماعية المتعارف عليها.
إلا أن تلك المؤثرات تعمل على إثارة الضجة والجدل ومناقشة مواضيع حساسة وكشف أسرار المشاهير، وحيث تتنوع أخبارهن والمواضيع التي يناقشنها ما بين الأخبار المثيرة ونشر كواليس الحفلات الخاصة والأعراس، إلى عرض أسرار الطبقة الثرية من المجتمع وصولاً لفضائح المشاهير والسياسيين، وانتهاء بآخر صيحات الموضة وتسويق المنتجات وعرض حالات إنسانية تحتاج المساعدة.
وكمثيلاتهن من الناشطات على مواقع التواصل الاجتماعي في الدول العربية، تخوض المؤثرات في موريتانيا حربا مع الوقت لتحقيق شهرة سريعة وتثبيت مكانتهن ضمن الأكثر مشاهدة خاصة عبر تطبيقي “سناب شات” و”تيك توك”.
بدوره، أفاد الباحث الاجتماعي محمد محمود ولد الزين، بأن المؤثرات أصبحن وسيلة شائعة للحصول على المعلومات والأخبار في بلد لم تعد وسائل الإعلام المحلية ترضي فضوله، خاصة فيما يخص الأخبار الاجتماعية وما يطرأ وراء الكواليس.
وأضاف في حديثه لـ “العربية.نت”، أن المؤثرات اللاتي يحظين بنسبة متابعة أكبر موجودات على المنصات بشكل يومي، ويتفاعلن بالنشر والمشاركة والرد، ويسعين إلى اكتساب شهرة سريعة، وخطف مكان لهن بتسجيل أسمائهن ضمن لائحة الأعلى مشاهدة.
كما لفت إلى أن المؤثرات اكتسبن شهرة كبيرة بين النساء والشباب خاصة، وحصلن على نسب مشاهدة عالية، ومتابعين جدد وحققن “الترند” أكثر من مرة بفضل مواضيعهن وصراحتهن الزائدة وأحيانا خلافاتهن واشتباكهن مع منافسيهن.
بالمقابل، أوضح أن هناك مؤثرات حافظن على محتوى لائق واكتسبن سمعة جيدة بين الناس وبرزن كفاعلات سياسيات واجتماعيات بفضل ما يقدمنهن من خدمات للمجتمع ونصائح توعية للفتيات والنساء، إضافة إلى حملات التبرع التي ساعدت الكثيرين.
وعن أكثر المواقع التي تفضلها المؤثرات لفت إلى أنه في الماضي كن يفضلن موقع فيسبوك لأنه أكثر مواقع التواصل الاجتماعي تأثيرا على الرأي العام المحلي، لكن الآن أصبحن يفضلن منصات “سناب شات” و”تيك توك” وإنستغرام”.
تحدي القيم
يشار إلى أن ظاهرة المؤثرات كانت برزت في وقت تراجعت فيه الصحافة التقليدية وبدت عاجزة عن مواكبة التطورات التقنية وإشباع رغبة الجيل الجديد في الحصول على الأخبار بطرق حديثة تساير العصر.
ورغم المطالب المتصاعدة بضرورة مراقبة ما تنشره المؤثرات وحماية وسائل الإعلام من صداع باتت تسببه وسائل التواصل الاجتماعي بشكل عام، فإن المؤثرات مازلن يواصلن نجاحاتهن غير آبهات بكل ما يقال عنهن، بل أصبحن يعتبرن الانتقادات نجاحا في التأثير على المتابعين وزيادة أعدادهم.
إلى ذلك، تحاول المؤثرات الحفاظ على الزي الموريتاني والعادات المتعارف عليها، ورغم أنهن أحيانا يعملن كمروجات للسلع وعارضات أزياء وكوجوه لعلامات تجارية محلية للمكياج والأزياء، فإن مجال الإعلانات لم يسلبهن خصوصيتهن خاصة فيما يتعلق بالملابس والمظهر الخارجي.
وفيما تجتهد بعض المؤثرات لتنويع المحتوى الذي يقدمنه وتخصيصه للقضايا الاجتماعية الهادفة، فإنهن لم يسلمن من الانتقادات التي توجه بحدة لكل النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة النساء اللاتي يرى البعض أنهن يهددن قيم المجتمع الموريتاني، بنشر ومشاركة اليوميات وأسرار الحياة الزوجية والعائلية بين متابعيهن.
ويرى المهتمون أنه بإمكان المؤثرات في موريتانيا القيام بدور إيجابي وخدمة المجتمع بنشر الوعي ومساعدة المرأة للحصول على حقوقها في ظل التحديات الكبيرة التي توجهها والمتمثلة في ارتفاع نسبة الأمية بين الفتيات، والحرمان من التعليم في الأوساط الريفية واستمرار ممارسة العادات الضارّة بصحة الفتيات على نحو واسع، وضعف القوانين التي تجرم الاغتصاب والعنف الأسري، وزواج القاصر.